الزعيم ود الياس : نجم جميل أفل ..بقلم عمر كابو
حزن خيم على الصدور قبل قليل والناعي يعلن رحيل الزعيم الرئيس محمد إليأس محجوب عظيم عظماء الرياضة السودانية وسيد فرسانها ،،حالة من الشجاعة على إتخاذ القرار الصواب نادرة وقدرة على بذل العطاء للآخرين وافرة..
ملك مقامًا ساميًا من الثقة في نفسه حفزه لإستخراج قوته الداخلية وقيمته الذاتية لصالح الرياضة السودانية كلها..
مع مزية خاصة تفرد بها أحدثت الفارق بينه وبين الآخرين أنه كثير الأفعال جليل الأقوال يرفض رد الإساءة بإساءة مما أكسبه محبة الجميع حتى مخالفيه الرأي..
عشق المريخ لدرجة الوله فكان حبه السرمدي الأوفر والأبقى من منطلق وفهم ودراية بأن الحب لطف وتقدير وطاقة وتسامح وجوهر علاقته بكل عاشقي النجمة العظيمة والمريخ الزعيم..
عشقه في أسرة كبيرة عامرة بالوجدان السليم فرضت نفسها على الرياضة السودانية بحقها وجمائلها وثقافتها ومحبة الجميع لها فأهلته لأن يكون ضمن أعظم ثلاثة رؤساء حكموا المريخ..
ولم تنس نصيبها من الحسن والجلال والإبهار ذاته وهي تهدي الهلال أعظم سكرتير مر عليه في قيمة وقامة العملاق محمد حمزة الكوارتي..
فلا أكاد أعرف رئيسًا للمريخ أحبه الجميع ينافس محمد اليأس محجوب وجمال محمد عبدالله الوالي محبة صادقة مدخلها الطبيعي الإنجاز والعطاء والوفاء للكيان الأحمر..
محمد الياس محجوب حالة وجدانية خاصة توفرت لها كل أسباب النجاح والتوفيق والسداد والرشاد ولذلك لم يكن غريبًا عليها أن تكون صاحبة أعظم إنجازات حققتها الرياضة السودانية كأسات محمولة جوًا..
** ولأنه كان كبيرًا فإن مغادرته لكرسي رئاسة المريخ الزعيم حكت عن غيرة على النادي وحرص أكيد على استمراره قمة تعلو مع شقيقه الهلال كل القمم..
غادر الكرسي مرفوع الرأس وهو في قمة عطائه يوم تعرضت بعثة المريخ الزعيم لذلك الحادث المروع في منطقة أم مغد والتي راح ضحيته العظماء الربيع وصديق العمدة عليهم جميعًا من الله سحائب الرحمة والعافية والمغفرة..
يومها تعرض هو لكسر كبير في القدم قاده لإجراء عملية جراحية كبيرة استلزمت أن يكون طريح السرير عديد الشهور..
ولأنه من أسرة عريقة تعرف أقدار الرجال ومنزلته عند الآخرين قررت إكرام الوافدين إليه على كثرتهم بوجبة غداء عامرة بالجود والسخاء والكرم باذلين الطعام غداءًا للجميع..
كان من ضمن ممن وفدوا عليه في ذلك اليوم وفد كبير من رئاسة الجمهورية في زيارة رسمية لرجل عظيم عظمته التي هي من عظمة المريخ..
في ذات اليوم التمس الوفد منه بعد أن أبلغوه قدوم السيد الرئيس عمر البشير إليه ليطمئن عليه ويقف على حالته الصحية أن يقدموا له مقترحًا بنقل تكليف رئاسة المريخ الزعيم للسيد جمال الوالي..
لم يتردد الرجل لحظة في قبول الالتماس والرجاء لأنه كان يثق في تقديرات الدولة ويعلم أنها لن تفرط في ناد يمثل أحد طرفي القمة..
رافضًا أي مساومة أو شرط عليهم بأن يمثله في المجلس بعض خلصائه فقد ترك للسيد جمال الوالي الخيرة من أمره في اختيار من يثق من أهل المريخ يرى قدرته في تحمل المسؤولية والتكليف..
ورغم توفره على مكانة مرموقة في النادي رفض طوال سنوات حياته من بعد الرئاسة أن يكون جزءًا من تعكير صفاء المريخ..
فكان الصخرة التي تتكسر عندها كل مشاكل النادي مستودع حكمتهم عند كل خلاف ومورد ضالتهم في حالة الضياع..عظيم الخاطرة ،،جميل المسعى ،، بارع الفكرة..
لطالما التقيته في مسجد أنس بن مالك مقدمًا نفسي له فأجد منه كل محبة وتقدير واحترام هو من تقديره للكافة لين الجانب رحيب القلب الذي وسع الجميع..
اختاره الله إلي جواره هذه اللحظات بعد أن ظل طريح الفراش في مستشفى الصفا بضاحية المهندسين بالقاهرة..
اختاره قبل آذان فجر الجمعة بساعات دليل قبول إلهي وسعادة عظيمة وانتقاء لا يناله إلا الأولياء الصالحين في يوم يتمنى كل مسلم أن يرحل فيه عروجًا للأخرة الحيوان..
رحل الزعيم محمد اليأس محجوب في وقت كل أهل السودان يحتاجون فيه لنفاذ بصيرته سياسة ورياضة ومجتمعًا ..
فمثلما كان الرجل برًا بناديه كان وفيًا للوطن يسعي من خلال طائفة الختمية التي ينتمي إليها إنتماء الصوفي المتبتل المعذب لجمع وتوحيد أهل السودان..
فما عرف عن الرجل من تشدد وتصلب في المواقف يسعى بكل ما أوتي من قوة لجمع الصف وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء..
رحم الله أبا عمر محمد اليأس محجوب عظيم في خطواته رفيقًا في سياساته جميلًا حكيمًا في قراراته لينًا في عشرته ومعاملاته..
تعازينا القلبية الحارة لجيراننا الكوارتة ونخص الأخ الحبيب عباس حمزة الكوارتي الذي لطالما سألنا الدعاء له..
إنه فقد جلل ليس لأسرته ولا لنادي المريخ ولا للأسرة الرياضية ولا لطائفة الختمية إنما لأهل السودان جميعًا..
اللهم آنس وحشته وأرحم غربته ويسر حسابه وثبته عند السؤال فقد رحل عنا عظيمًا عزيزًا فصنه بعظمته وأحمه بعزتك..
إنا لله وإنا إليه راجعون